السؤال: كيف كان شكل شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- وما هي تسريحات الشعر المحرمة ؟.
الجواب:
الحمد لله
جاء وصف شَعر النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة، وفيها من الأوصاف:
1- لم يكن ملتوياً مقبوضاً (ليس بجَعد) ولا مسترسلاً (ولا سَبْط).
عن أنس بن مالك - يصف النبي صلى الله عليه وسلم - قال: كان رَبعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون ليس بأبيض أمْهَق ولا آدم ليس بجَعْدٍ قَطَط ولا سَبْط رَجِل أنزل عليه وهو ابن أربعين (يعني القرآن)... رواه البخاري (3354) ومسلم (2338).
أمهق: شديد البياض.
آدم: السمرة الشديدة.
2- وكان شعره يبلغ شحمة أذنه.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه رأيته في حلة حمراء لم أر شيئا قط أحسن منه. رواه البخاري (3358) ومسلم (2337).
3- وكان يصل أحياناً إلى منكبه أو عاتقه.
عن قتادة قال سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن شعر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال كان شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجِلا ليس بالسبط ولا الجعد بين أذنيه وعاتقه.رواه البخاري (5565) ومسلم (2337).
وفي رواية: " كان يضرب شعرُه منكبيه". رواه البخاري (5563) ومسلم (2338).
وأحيانا يصل إلى أقل من ذلك، وكل ذلك محمول على تعدد الأحوال، وكل واحد من الصحابة حدَّث بما رأى.
4- وكان -صلى الله عليه وسلم- أحياناً يخضب شعره.
عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: دخلتُ على أم سلمة فأخرجت إلينا شَعْراً من شعر النبي- صلى الله عليه وسلم- مخضوباً. رواه البخاري (5558).
زاد أحمد (25328): (مخضوباً بالحناء والكتم)
الكتم: نبات يضبغ به الشعر إذا خُلط بالحناء جعل لون الشعر بين الأسود والأحمر. انظر: عون المعبود شرح حديث (4205).
5- وكان يَفرق شعره.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يَسدل شعره وكان المشركون يَفرقون رؤوسَهم، فكان أهل الكتاب يَسدلون رءوسهم وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم رأسَه-.رواه البخاري (3365) ومسلم (2336).
السدل: الإرسال على الجبين.
الفرْق: فصل الشعر بعضه عن بعض، يميناً وشمالاً من الوسط.
وقد بحث العلماء في فقه هذا الحديث، وخلاصة القول ما قاله الإمام النووي:
والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق، وأن الفرق أفضل. " شرح مسلم " (15/90).
6- وحج -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع وهو ملبد شعره.
والتلبيد أن: يُلصق الشعر بعضه ببعض بصمغ أو نحوه حتى يجتمع الشعر ويكون أبعد عن الوسخ ولا يحتاج على غسل فيكون أرفق بالمحرم لاسيما فيما سبق من الزمن مع كثرة تعرض المحرم للوسخ وقلة المياه.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهل ملبِّداً. رواه البخاري (5570) ومسلم (1184).
والإهلال: رفع الصوت بالتلبية.
7- وكان -صلى الله عليه وسلم- ربما جعل شعره ضفائر لاسيما في السفر ليكون أبعد عن الغبار.
عن أم هانئ قالت: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة وله أربع غدائر - تعني: عقائص -. رواه الترمذي (1781) وأبو داود (4191) وابن ماجه (3631). وعند ابن ماجه: تعني: ضفائر. والحديث: حسنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (10/360).
وأما التسريحات المحرمة: فيجمعها أمور، منها:
1- القزع، وهو حلق بعض الشعر وترك بعضه
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القَزَع.رواه البخاري (5466) ومسلم (3959).
وقد فسَّر أحد رواة الحديث القزع بأنه حلق بعض رأس الصبي وترك بعضه.
قال ابن القيم -رحمه الله-:
وأما كحلق بعضه وترك بعضه فهو مراتب:
أشدها: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعل شمامسة النصارى.
ويليه: أن يحلق جوانبه ويدع وسطه كما يفعل كثير من السفلة وأسقاط الناس.
ويليه: أن يحلق مقدم رأسه ويترك مؤخره.
وهذه الصور الثلاث داخلة في القزع الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعضها أقبح من بعض . " أحكام أهل الذمة " (3/1294).
2- التشبه بالكفار أو الفساق
وهي تسريحات كثيرة، يدخل بعضها في " القزع " – كتسريحة " المارينز " فتمنع لسببين القزع، والتشبه بالكفار -، وبعضها لا قزع فيه غير أنه يختص بالكفار كنصب بعض الشعر وسبل الآخر أو ما شابه ذلك.
ويجمعها كل تسريحة تختص بالكفار أو الفساق فإنه لا يجوز للمسلم التشبه بهم فيها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من تشبه بقوم فهو منهم)
رواه أبو داود (4031).
والحديث: حسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (10/271) وجوَّد إسناده شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 82).
قال شيخ الإسلام:
وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم }. " اقتضاء الصراط